إن مفهوم إساءة الاستعمال الإداري مرتبطة من أوجه كثيرة بموضوع أوسع وهو موضوع إساءة استخدام السلطة؛ الذي يصدر من قبل الموظف العام الذي يشغل إحدى الوظائف العامة الخاضعة لنظام الخدمة المدنية، او الوظائف التابعة لها وفق النظام، بالشروط والمؤهلات لشغل أي من هذه الوظائف، ويعد فعل إساءة الاستعمال الإداري جريمة تتحقق على حساب المصلحة العامة؛ لكونها سبب من أسباب انعدام المساواة وفقدان العدالة، بما يؤدي إلى تولد الأحقاد والظلم الاجتماعي.
والأصل في تجريم إساءة الاستعمال الإداري هو نص الفقرة الخامسة من المادة (الثانية) من المرسوم الملكي رقم (43) وتاريخ 19/11/1377هـ، والذي يعد المرسوم الأول الذي جاء مجرما لهذه الجريمة ومحددا لماهيتها وعقوباتها وقد نص هذا المرسوم على أشهر صور إساءة الاستعمال الإداري وكانت ما يلي:
- العبث بالأنظمة والأوامر والتعليمات.
- العبث بطرق تنفيذ الأنظمة والأوامر والتعليمات امتناعاً أو تأخيراً ينشأ عنه ضرر خاص أو عام.
- تعمد تفسير النظم والأوامر والتعليمات على غير وجهها الصحيح أو في غير موضعها بقصد الإضرار بمصلحة حكومية لقاء مصلحة شخصية.
- استغلال النفوذ أياً كان نوعه في تفسير الأوامر وتنفيذها لمصلحة شخصية عن طريق مباشر أو غير مباشر.
وتشترك جريمة إساءة الاستعمال الإداري مع جريمة إساءة الاستعمال الإداري في كثير من الصور نظرا لا تحدهما في أسس تكوينهما ، كما أنهما يشتركان في الأساليب الجرمية ، اذ يتحقق أسلوب إساءة الاستعمال الإداري في القرار الإداري بالإساءة بإخراج القرار عن روح النظام وأهدافه ؛ من أجل تحقيق أغراض ومآرب بعيدة عن المصلحة العامة، كما أن أسلوب الاستعمال الإداري في العقود يتحقق عن طريق العبث في بنود العقد بما يؤدي الى تكييفها بما يتفق وأهدافه الخاصة، بعيداً عن تحقيق المصلحة العامة، بينما أسلوب إساءة الاستعمال الإداري في الأعمال المادية يتحقق بالعبث في النص النظامي والتعليمات بما يؤدي الى إساءة المعاملة والإكراه باسم الوظيفة.
كما أن هناك اشتراكا وترابطا كبيرا بينهما وبين جريمة استغلال النفوذ ، وبالرغم من ذلك إلا هناك فروقا ظاهره تتضح في أن جريمة سوء الاستعمال الإداري تكون من موظف عام يقصد بها العبث بالأنظمة والأوامر والتعليمات بقصد الإضرار بمصلحة عامة لقاء مصلحة شخصية، أما سوء استعمال السلطة فهي أيضا من موظف عام ولكن الفعل الذي يصدر منه ينصب على إساءة المعاملة أو الإكراه باسم الوظيفة كالتعذيب أو القسوة أو مصادرة الأموال وسلب الحريات الشخصية ، وكما انهما يشتركان مع جريمة استغلال النفوذ في أن الجاني يقوم بفعله الجرمي ويهدف غالبا للحصول على منفعة أو غاية، أو يقصد الإضرار أو الانتقام أو الإهمال، بينما تختلف جريمة استغلال النفوذ في أنها قد تصدر من الموظف بحكم وظيفته، وقد تكون من غير الموظف إذا كان له نفوذ اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي .
وتتفق جريمة إساءة الاستعمال الإداري مع جريمة إساءة استعمال السلطة في الأركان فركنها المادي يتمثل فيما يتخذه الجاني عامدا عالما من نشاط إرادي بالقيام بعمل العبث في الأنظمة والتعليمات على وجه الفعل، أو الامتناع مما يؤدي الى ضرر جنائي مادي، أو غير مادي وقيام الرابطة التي تصل بين السلوك الإجرامي والنتيجة المترتبة عليه
ومن فعل هذه الجريمة وتمت أركانها في حقه فإنه يعاقب بما نص عليها المرسوم الملكي رقم (43) لعام 1377هـ، حيث نصت الفقرة 5 من المادة الثانية منه على أن جريمة سوء الاستعمال الإداري، كالعبث بالأنظمة والأوامر والتعليمات يعاقب الموظف الجاني فيها الذي يثبت ارتكابه لها بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات، وكذلك كل من اشترك أو تواطأ معه على ارتكابها سواءً كانوا موظفين أو غير موظفين. وتبع ذلك عقوبة العزل من الوظيفة، أو الحرمان من تولي الوظائف العامة، أو المنع من القيام بالأعمال التي يعد القائمون بها في حكم الموظفين.